يمثّل هذا اللقاء إضافة نوعية للنقاش التربوي حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، ليس من زاوية الانبهار بالتقنية، بل من خلال إتقان هندسة الأوامر بوصفها مهارة معرفية وتربوية أساسية للمعلمين وصنّاع المناهج. إبراز المهندس عامر حلاق لمبادئ الوضوح، وتحديد الدور، وبناء السياق، وصياغة مخرجات دقيقة يعكس فهماً عميقاً لكيفية تحويل الذكاء الاصطناعي من أداة عشوائية إلى شريك منهجي في تصميم التعلم، خاصة مع توظيف استراتيجيات متقدمة مثل التفكير المتسلسل والتوجيه قليل اللقطات. عرض نظام EduSense يفتح أفقاً مهمّاً نحو تعليم أكثر تخصيصاً، قائم على تحليل البيانات واستشعار احتياجات الطلبة الفعلية، شريطة أن يُرافقه إطار أخلاقي صارم يحمي خصوصية المتعلمين ويضمن توظيف النتائج لخدمتهم لا لتصنيفهم أو إقصائهم. مثل هذه الندوات ترسّخ الوعي بأن القيمة الحقيقية لا تكمن في كثرة الأدوات، بل في امتلاك معلمين وقادة تربويين قادرين على هندسة الأسئلة، نقد المخرجات، وتوجيه الذكاء الاصطناعي بما ينسجم مع رسالة التعليم الإنسانية.

تبرز هذه الندوة أهمية إتقان هندسة الأوامر كمهارة أساسية لكل معلم يرغب في توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي بفاعلية ووعي في التعليم، وقد نجح المهندس عامر حلاق في تقديم إطار عملي واضح يساعد على تحويل هذه التقنيات إلى أدوات داعمة للتفكير، والإبداع، وتصميم خبرات تعلم أعمق. في الوقت نفسه، يثير تسليط الضوء على أنظمة مثل EduSense، التي تستشعر سلوك الطلاب وتتنبأ بأدائهم وتوجّه المحتوى وفق بيانات دقيقة، تساؤلات ضرورية حول حدود هذا التتبع، وآثاره على خصوصية المتعلمين وحريتهم الشعورية داخل الصف. هذه الحلول قد تحمل فرصاً حقيقية لتحسين الدعم التعليمي، لكنها تحتاج إلى أطر حوكمة أخلاقية صارمة، وضمانات واضحة بعدم تحوّلها إلى أدوات رقابة أو تصنيف أو وصم، وبقاء القرار التربوي في يد المعلّم بوصفه الإنسان الذي يفهم السياق، ويحمي الكرامة، ويوازن بين منافع التقنية وحقوق الطالب. مثل هذه النقاشات المرافقة لا تقلّ أهمية عن التطور التقني نفسه.

تفتح هذه الندوة الباب لتعلّم لغة جديدة: لغة مخاطبة الذكاء الاصطناعي. لكن السؤال الأهم: من يكتب هذه اللغة ومن يحدد حدودها؟ عندما نستخدم أدوات كـ LMStudio وChatGPT وGemini، هل نعلّم طلابنا فقط كيف يُصدرون أوامر فعّالة، أم كيف يشكّكون في مخرجاتها أيضًا؟ ومع أنظمة مثل EduSense، هل نمتلك ضمانات حقيقية لخصوصية الطلاب، ولئلا يتحوّل “التخصيص” إلى مراقبة دائمة أو تصنيف غير مرئي؟ وكيف نضمن أن منطق هذه الأدوات ينسجم مع قيمنا التربوية لا مع منطق الخوارزمية وحده؟

لقاء رائع جداا