بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
يُعْتَبَر اَلتَّدْرِيب على العَمل حَقًّا مِن حُقُوق الفَرد داخل المؤسسات، حيث يَلعب دَورًا مُهِمًّا في اَلتَّنْمِيَة البشرية والاجتماعية والاقتصادية، ويُعَزِّز اَلْمُسَاوَاة، وَيُعَزِّز اَلسَّلَام، ويَزيد مِن فُرَص الفَرد في اَلْحُصُول عَلى المَزيد مِن فُرَص الحَياة. شَباب اَلْيَوْم سَيَحْكُمُونَ العَالم في اَلسَّنَوَات القَادمة. سَوف تَتشَكل أَفْكَارهمْ وأفعالهم من خِلال ما يَتَعَلَّمُونَهُ وَيُعَرِّفُونَهُ وَيَخْتَبِرُونَهُ ويَتدربون علية، مما يَجعل اَلتَّدْرِيب على العَمل من نواح كثيرة، أحَد أفَضل العَوامل اَلَّتِي تنبئ بالنجاح اَلْمُسْتَقْبَلِيّ للأمة وخاصة بعد ظهور ما يسمى اَلتَّحَوُّل الرقمي.
فَالْمُحِيط اَلدَّوْلِيّ الذي نَعِيش فيه الآن يَفرِض على الدول التي تَسِير في ركب اَلتَّقَدُّم وَالنُّمُوّ وَالتَّحَوُّل الرقمي مَجْهُودًا كبيراً لتقليص اَلْهُوَّة التي تَفْصِلهُمْ عن الدول اَلْمُتَقَدِّمَة، فالدول الناجحة في ظل اَلْعَوْلَمَة وَالتَّغَيُّر اَلْمُسْتَمِرّ تقوم بِشَكل مُسْتَمِرّ بتغيير وتَعديل الاستراتيجية الخَاصة بِها وتبنى أَخِّرِي جديدة من أجل المٌحافظة على مِيزتها التنافسية والخدمية والتعليمية، فلا يَستطيِع بلد اليوم رفض المٌشاركة في الاقتصاد العالمي والوصول لترتيب الاولوية في كل شيء. فإن التحدي الرئيسي هُنَا هو كيفية إدارة كل هذا لضمان اَلنُّمُوّ والتنمية وَالْمُسَاوَاة.
وهذا لا يُمْكِن أن يتم إلا بِمُعَالَجَة مُحْكَمَة لكل الاختلالات والنواقص اَلْمُتَرَاكِمَة، فمن واجب الجهاز الإداري في كل مؤسسة وخاصة الذي يسير نحو التغير للتَّحَوُّل الرقمي أن يُطَوِّر نفسه بِشكل يُوَاكِب هَذه اَلتَّحَوُّلَات وإلا فوت على ذاته اَلْفُرْصَة للإسهام في بِناء هَذا اَلنِّظَام اَلدَّوْلِيّ الجَديد. حَيث تتطلب كُلّ مُؤَسَّسَة مُوَظَّفِينَ مُدَرَّبِينَ لأداء الأنشطة اَلْمُخْتَلِفَة بِطريقة مَنهجية. في العَالم الحَديث. ولا يقتصر التحول الرقمي على التكنولوجيا فقط. ولكن يتعلق الأمر أيضًا بمواءمة فريق العمل والعمليات لتعزيز الابتكار. فَالتَّطَوُّرَات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة اَلسَّرِيعَة اَلْمُتَغَيِّرَة تَجعل مَعرفة اَلْمُوَظَّفِينَ تَحْتَاج لِتَنْمِيَة.
وَالتَّنْمِيَة: هِي عَملِية تَعْلِيمِيَّة طَوِيلَة الأجل باستخدام إِجْرَاء مَنهجي وَمُنَظَّم يتَعلم مِن خِلاله اَلْمُوَظَّفُونَ الإداريون المعرفة المفاهيمية والنظرية للأغراض العامة. ويعني نُمُوّ الفَرد من جَمِيع النواحي. في اَلنَّاحِيَة العَملية يُسْتَخْدَم مُصْطَلَح التنمية فيما يتعلق بالقادة التنفيذيين أو مُدِيرِي اَلْمُؤَسَّسَة. وَيُشِير تطوير الإدارة إلى العملية التي يَكتسب من خِلالها القَادة اَلتَّنْفِيذِيُّونَ ليس فَقط المَهارات والكفاءات للقيام بوظائفهم الحالية ولكن أيضًا اَلْقُدُرَات لِلتَّعَامُلِ مع تَطْوِير المهام الإدارية اَلْمُسْتَقْبَلِيَّة.
وقَد يَكُون لَدى بَعض اَلْمُوَظَّفِينَ بَعض المَعرفة اَلسَّابِقَة بِالْوَظَائِفِ بينما قد يَكُون البَعض الآخر جَديدًا تمَامًا. يَتطلب كلا اَلنَّوْعَيْنِ من اَلْمُوَظَّفِينَ اَلتَّدْرِيب بشكل مختلف لِلتَّعَرُّفِ على الوظائف. قد تُعِين اَلْمُؤَسَّسَات اَلْكُبْرَى عددًا كبيرًا من الأشخاص كُلّ عام. تحتاج هذه اَلْمُؤَسَّسَات إلى قسم تدريب مُنْفَصِل لتدريب اَلْمُوَظَّفِينَ على الوظائف. يَجب أن تُوَفِّر جميع المخاوف نوعًا من التدريب لإعداد اَلْمُوَظَّفِينَ للوظائف وأيضًا تَعرِيفهم بأحدث اَلتَّطَوُّرَات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة.
فَالتَّدْرِيب هُوَ إجراء مُنَظَّم لتعزيز معرفة ومهارات اَلْمُوَظَّف للقِيام بِعمل مُعِين. ويختلف التدريب والتطوير في اَلْمُحْتَوَيَات وَمُسْتَوَى اَلْمُوَظَّفِينَ الذين يتم تَوْجِيههمْ من أجلهم. في التدريب يَتم تَدريب اَلْمُوَظَّفِينَ لتَحسين الأداء في وَظِيفَة مُعِينَة. وقد يكون من المغري تأجيل تدريب الموظفين إلى أجل غير مسمى، والانتظار حتى يتوفر المزيد من الوقت أو المزيد من المال، ولكن لكي ينجح عمل المؤسسة، يجب أن تكون مجموعات مهارات موظفيها كَاملة وَمُحَدِّثَة، وهنا ليس من الصالح تأجيل التدريب إذا كان هناك ضرورة ملحة لتنمية مهاراتهم.
حيث يُعَدّ تَطْوِير اَلْمُوَظَّفِينَ أحَد أهَم الاستثمارات التي يُمْكِنك القِيام بِها في اَلْمُؤَسَّسَات، وقد لا تَحْدُث التغييرات بين يَوم وليلة، لِذلك مِن اَلْمُهِمّ التحلي بالصبر. حَيث يُعَدّ التدريب استثمارًا طَويل الأجل، وغَالبًا ما لا تَكُون الفوائد واضحة على الفور. ومع ذلك فإن جهود اَلْمُؤَسَّسَة في تطوير فريق العمل سَتُسَاعِدُ اَلْمُؤَسَّسَة بعدة طُرُق. سيكون اَلْمُوَظَّفُونَ أكثر دراية، وسيكونون أكثر مهارة، وسيساعد التزام المؤسسة بالتدريب على اكتساب سمعة ومكانه جيدة لها.
يُمْكِن أن يُسَاعِد التدريب على التثقيف والتوعية البيئية في تَطوير وتشجيع الانتقال إلى ثقافة مُؤَسَّسِيَّة أكثر إبداعاً. فوجود التعليم الفعال والتدريب اَلتَّوْعَوِيّ لِلْمُوَظَّفِينَ أمر بالغ الأهمية لتطوير ثقافة عَمل جَديدة تؤدي إلى التنمية اَلْمُسْتَدَامَة والسماح لِلْمُوَظَّفِينَ بتعلم واعتماد مَواقف وأفكار ومَهارات جَديدة وإبداعية لذلك يجب أن يُنظر إلى تدريب الموظفين وتطوير الكفاءات اَلْمُتَعَلِّقَة بالاستدامة على أنها جوانب مُهِمَّة من مُبَادَرَات اَلْمُؤَسَّسَات بِشأن الاستدامة من خِلال تَحسين أداء اَلْمُوَظَّفِينَ بَعد اَلتَّدْرِيب على المَدى القَصير، مَع نشر ثقافة اَلْمُؤَسَّسَة على المَدى اَلطَّوِيل.
إن أهم وظيفة لبرنامج اَلْمُوَظَّفِينَ هي نَقل اَلتَّدْرِيب للقَادمين اَلْجُدُد. وإلا سَيحاول اَلْمُوَظَّفُونَ تَعَلُّم اَلْوَظِيفَة عن طَريق اَلتَّجْرِبَة والخَطأ وَاَلَّتِي يُمْكِن أن تَكُون طَريقة مُكَلَّفَة للغاية. وَهُنَا يَجب وضع استراتِيجِية جَيدة لتَحسِين التدريب اَلْمُقَدَّم لِلْمُوَظَّفِينَ وتَصنِيف اَلْمُوَظَّفِينَ مِن حَيث الكَفاءة والخِبرة وإعطاء اَلتَّدْرِيبَات اَلْمُلَائِمَة لِكُلّ صَنف عَلى حِدة فما فَائدة إعطاء تَدريب مَوْضُوعَة لا يناسب فئة اَلْمُسْتَهْدَفِينَ أو مُعْظَمهمْ فَالتَّدْرِيب لَيس سَد خَانة فَقط بَل هي اِحتياجات فِعلية مُتَنَوِّعَة حَسب حَاجة العَمل وحَسب خِبرات الفَرد، وعَلى ذَلك يَجب إِنْشَاء مِلَفّ تَدريبي لِكُلّ مُوَظَّف يُدَوَّن فيه كُلّ ما يَحْصُل عَلِيَّة مِنْ تَدْرِيبَات حَتى لا يَتم إعادة نَفس اَلتَّدْرِيب بَعد فَتْرَة قَصِيرة بِنفس اَلْمَوْضُوعَات حَتى لا يَكُون هُنَاكَ إهدار لِلْوَقْتِ وَالْجُهْد والمال.